سميّة...رفيق,,,حبيب,,,في السياسة العائلية وآفاتها,,,


لم أكن أنوي الكتابة في هذا الموضوع لسبب شخصيّ جدّا : صلتي العاطفية الراجعة إلى أيّام الطفولة والمراهقة الأولى مع أفراد من عائلات هؤلاء الشبّان الذين باتوا الآن مؤثّرين في سياسة الدولة كلاّ على طريقته ولكن انطلاقا من جذر تربيعيّ واحد ووحيد : راشد الغنّوشي.
فسميّة الغنّوشي هي زوجة رفيق بوشلاكة الذي هو ابن الحاج عبد السلام بوشلاكة الذي كان مثالا للشهامة وكرم النفس والذي كان متجره للقفاف ولكافّة المواد المصنوعة من السعف محاذيا بالضبط لدكّان والدي عبدالله الخيّاط الذي قضيت فيه الجزء الأكبر من طفولتي.
ورفيق بوشلاكة هو أيضا شقيق محمّد بوشلاكة صديق المراهقة والشاعر الذي عانى الأمرار لا لذنب اقترفه سوى أنه أخو رفيق الذي فرّ إلى المغرب ثمّ إلى أوروبّا أيّام قمع بن علي للإسلامويين. فقد رفض تعيينه في التعليم الحكومي, وحتى لمّا اتّجه إلى المعاهد الخاصة لم يكن يلبث بها أكثر من أيام معدودة قبل أن يعتذر له مدراؤها خجلين بسبب ما كان يسلّط عليهم من أوامر.
ولقد استهجنت شديدا، وما زلت، تهكّم المتهكّمين من اللقب الأصلي لرفيق عبد السلام. فعائلة بوشلاكة هي واحدة من العائلات المحترمة في الحامّة معروف أهلها بكرمهم وبمساعدتهم للفقير والمحتاج، وكذلك بالعمل والتفاني فيه وبترقّي أبنائها وبناتها على حدّ سواء في مدارج العلم والمعرفة.
والحبيب خذر هو ابن محمّد الطاهر خذر، الرجل الشهم والمتنوّر والطريف الذي كانت سانيته محاذية للسانية التي عشت فيها طفولتي وشبابي الأوّل والذي كان يحظى بالمحبّة والتقدير لطيبته العارمة ولتقديسه لقيم العمل والعلم...في ذات السانية لعبت الكرة طفلا مع أبناء تلك العائلة وتبادلنا الكتب وتحاورنا...ولا زالت تربطني بهم وشائج عاطفية رغم تفرّق السبل وتناقض القناعات الفكرية والسياسية...
ما أثار حفيظتي وجعلني أتكلّم في الأمر هو ما صدر عن سميّة الغنوشي بوشلاكة أخيرا من تهديد لكلّ من يتعرّض بسوء لأبيها وزوجها بالويل والثبور، مستشهدة في الأثناء بصحف وقنوات أغلقوها في بريطانيا لذات "الجريمة" النكراء...
ويحك أي سميّة!!! ألا تعلمين أنك بكلامك الأبله هذا تسيئين إلى أبيك وزوجك أكثر ممّا أساءا به لنفسيهما؟ ولو كان لك من البداية هذا النفوذ عليهما وهذا الاقتدار على الكلام بدلا عنهما، أما كان الأحرى بك أن تنصحي أباك بأن يستبعد زوجك من كلّ منصب سياسيّ؟!! ربّما لم تكوني على دراية (بسبب ترعرعك في لندن) بأنه قد باتت لدى التونسيين حساسية كبرى من كلّ تداخل بين العائلي والسياسي؟ فهم كانوا قد عايشوا انهيار الديكتاتورية البورقيبية (رغم تنوّر الزعيم المؤسّس من جهة الفكر والقناعات) في ظلّ النفوذ الذي أمسى لبعض أفراد عائلته ولا سيّما لزوجته وسيلة بن عمّار ثمّ لابنة أخته سعيدة ساسي....وهم يستحضرون بقرف وسخط لا يوصفان تغوّل المافيا الطرابلسية بزعامة ليلى الحجّامة وأخيها الباندي بلحسن حتّى غدت كلمة "العائلة" تشير مباشرة إلى آل الطرابلسي....
لا أعرف تحديدا ما هي حقيقة المؤهّلات الأكاديمية الحقيقية لرفيق عبد السلام (وقد كان آخر عهد لي به لمّا كان طالبا أقلّ من متوسّط في الجامعة التي كان فيها مشغولا بتعنيف خصومه الإيديولوجيين أكثر منه بالدراسة خلال الفترة التي أطلق فيها بن علي يد الإسلامويين في الكليات وفي البلاد قبل أن ينقلبوا عليه وينقلب عليهم) ولكنّني لا أجد في توزيره سوى تأكيد لشيئين شنيعين في حاضر البلاد ومستقبلها :1 - النفوذ المطلق لراشد الغنوشي الذي يحكم البلاد بواسطة "الطراطير" الرئاسية والحكوميّة والذي لم تكن له نباهة تجنّب هذا المطب العائلي في السياسة الذي تورّط فيه بورقيبة في آخر سنواته وبن علي بعد زواجه من ليلى دجين....2 – الحضور المؤكّد للعائلة القطرية الحاكمة (لم نخرج من العائلات!!) وللدوائر الإمبريالية والصهيونية التي تحرّكها في الشأن السياسي التونسي...إذ ما معنى أن يكون العنوان "التشريفي" الذي يرفعه المنافحون عن رفيق هو أنه "مدير دراسات" بمركز الجزيرة والحال أنه ينبغي أن يكون من دواعي استبعاده من النفوذ السياسي في تونس...ناهيك عن مسألة تمثيله لدولة قطر في اجتماعات ساسية دوليّة...وهو لعمري أمر جلل.
أمّا أنت يا حبيب خذر فإنني لا أكاد أصدّق أن ذلك الفتى القصير والظريف الذي عرفته منذ عشرات السنين قد بات على مثل ذلك الصلف والتنطّع لمجرّد علاقة النسب التي بينه وبين عائلة "الشيخ"....وخصوصا على ذلك الجهل المنكر بأبجديات القانون الدستوري...وهو الجهل الذي جعل رجلا عالما قديرا ومحنّكا مثل عياض بن عاشور يقول عن "التنظيم المؤقّت للسلطات" الذي صغتَه أنه لو صدر عن طالب لديه لما كان أجازه...
...في كلّ دول العالم تُتقلّد المناصب على قاعدة الكفاءة والجدارة...أمّا في الإيالة التونسية المحروسة فإنّ القرابة والنسب وغيرها هي الأولى...ربّما لحسن حظّنا في النهاية...فالديكتاتوريات بذلك تحفر رمسها بنفسها...مبكّرا في حالة النهضة!!!
par Kamel Zaghbani,
x لا تنسى الاشتراك في صفحتنا على الفيسبوك